التغذيـة وصحــة الــــدم
تتيانا الكور - لعل جميعنا يتساءل عن ما هي الأغذية التي تقوي صحة دمنا بم فيه كريات الدم البيضاء منها والحمراء. وكثيرا ما يشيع لدينا مقولة: ''عصير عنب بقوي دمك!'' . وحقيقة الأمر بأن ليس هنالك نوعاً واحداً من الغذاء الذي يقوي الدم، وإنما هي تكاملية التنويع في أصناف بعض الأغذية التي تلعب الدور الأساسي في صحة دمنا لأن هذه التكاملية تضمن تناول ما نحتاجه من العناصر الغذائية الضرورية لتقوية الدم وإنتاج كرياته بأنواعها. وتتصدر بعض الفيتامينات رأس القائمة الأساسية لصحة الدم، بالأخص الأغذية المحتوية على فيتامين جيم (vitamin C)، وفيتامين كي (Vitamin K)، ومجموعة فيتامين ب (مثل فيتامين ب6، وفيتامين ب12، والفولات)، بالإضافة إلى عنصر الحديد. ويتواجد فيتامين جيم في غالبية الفواكه والخضار. وتتصدر الحمضيات أعلى قائمة الفواكه الغنية بفيتامين جيم (مثل البرتقال والجريبفروت وعصائرهما)، يليها فاكهة الجوافة، البندورة، المانجا، الفراولة، البطيخ، الأناناس، والتوت بأنواعه، بينما يتصدر الفلفل بأنواعه (الأخضر والأصفر والأحمر) قائمة الخضار الغنية بفيتامين جيم، يليها البروكولي، والبطاطا الحلوة، والكوسا، والملفوف، والسبانخ. ويعتبر التنويع في تناول هذه الأغذية أساسي لصحة الدم.
ويعتبر فيتامين جيم من الفيتامينات الذائبة في الماء والتي يحتاجها الجسم بصورة أساسية إذ لا يستطيع الجسم تصنيعه أو حتى تخزينه، بل يتخلص الجسم في العادة من الفائض منه عن طريق البول. لذلك يجب علينا أن نتناول إحتياجاتنا منه بشكل يومي وبصورة دائمة. ويلعب فيتامين جيم دور مهم في صحة الدم لأنه يدخل في تركيب الأوعية الدموية حتى لا تخدش بسهولة، كما ويحتوي على مادة مضادة للأكسدة والتي تمنع بدورها تجمع مادة الجذور الحرة الناتجة عن عمليات الإستقلاب في الجسم. ويؤدي تجمع الجذور الحرة إلى العديد من التغبرات في الجسم، مثل ضعف قدرة الجسم على إنتاج كريات الدم الحمراء. بالإضافة إلى أن فيتامين جيم يساعد على إمتصاص الحديد من المصادر النباتية.
ويعتبر الحديد من معادن الجسم الأساسية وهو ضروري لتصنيع مادة هيموجلوبين الدم الموجودة في الكريات الحمراء والمسؤولة عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى بقية أعضاء الجسم، فعند استنزاف مخزون الحديد، يعجز نخاع العظم عن إنتاج عدد كاف من كريات الدم الحمراء بسبب نقص الحديد، ويحاول الجسم بالتالي إبقاء نسبه الكريات الحمراء طبيعية في الدم قدر الإمكان من خلال إنتاج كريات دم صغيرة الحجم وتحتوي على كمية أقل من الهيموجلوبين.
ويوحد معدن الحديد في الغذاء على شكلين: الحديد الهيمي (heme iron) وهو الحديد المتواجد في المصادر الحيوانية الغنية بالحديد كالكبدة واللحوم الحمراء و البيض والسمك والدجاج، والحديد غير الهيمي (non-heme iron) والموجود في المصادر النياتية كمجموعةAالخضارمثل الخضراوات الورقية والبقوليات وفول الصويا، ومجموعة الحبوب كالحبوب الكاملة، والخبز المدعم بالحديد ونخالة القمح وبذور السمسم، ومجموعة الفواكه كالبلح والتمر والتين والخوخ والزبيب والعسل الأسود.
أما فيتامين كي (vitamin K)، فيعتبر من الفيتامينات الذائبة في الدهون وهو ضروري لبناء البروتينات اللازمة لمساعدة الدم على التجلط عند النزيف. كما ويساعد الجسم على بناء البروتينات اللازمة لصحة الدم، والعظام، والكلى. والجدير بالذكر إلى أنه يتم تصنيع جزء من فيتامين كي عن طريق الميكروبات الموجودة في الجهاز الهضمي لجسم الإنسان، ولكن الكميات المنتجة ليست كافية لتلبية إحتياجات الجسم، فنعتمد بالتالي على المصادر الغذائية لفيتامين كي، والتي على رأسها الخضار الورقية الخضراء، مثل السبانخ والروكولي والملفوف، والزهرة أو القرنبيط، والبامية، وبعض الفواكه كالفراولة والكيوي والعنب الأسود، وبنسبة أقل في كل من البيض، والحليب، ورقائق الشوفان، وبعض المكسرات.
وتعتبر الفولات من إحدى أنواع فيتامين ب، وغالبا ما يشار إليها في المكملات الغذائية بإسم حمض الفوليك (folic acid). وتعتبر أهم المصادر الغذائية للفولات: البقوليات (بم فبها الفول، والحمص والعدس والفاصوليا البيضاء)، والبازيلاء، والخضار الورقية الخضراء، والبامية، والأفوكادو، والبروكولي، والبرتقال. وتلعب الفولات دورا مهما في إنتاج كريات الدم الحمراء. ويمكن أن يتأثر مستوى الفولات في الدم بنقص فيتامين ب12 والزنك إذ أشارت الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من نقص فيتامين ب12 أو نقص الزنك هم أكثر عرضة لنفص الفولات في الدم.
أما بالنسبة لفيتامين ب12، فهو من الفيتامينات الذائبة في الماء ويحتوي على عنصر الكوبالت. ويدخل فيتامين ب 12 مع الفولات في تكوين الحمض النووي لخلايا الدم، وفي إنتاج كريات الدم الحمراء بالأخص. وتحتل منتجات الألبان الصدارة في قائمة مصادر ب12، يايها البيض، ومنتجات اللحوم بأنواعها.
و لفيتامين ب6 دور فعال أيضا في صحة الدم، فهو يعتبر من الفيتامينات الذائبة في الماء أيضا، وهو ضروري لإمتصاص فيتامين ب12 بكفاءة. ويدخل فيتامين ب6 في تكوين خلايا الدم الحمراء، وفي وظائفها على حد سواء. كما ويساعد فيتامين ب6 الجسم على الإستفادة من البروتين في الغذاء، لذلك تزيد إحتياجاتنا منه عند تناول حمية عالية البروتين. ومن مصادر فيتامين ب6 هي المكسرات (خاصة الجوز)، وفي البقوليات، والبيض، واللحوم (خاصة الأسماك بأنواعها).
وفي الختام، فإن تكاملية العناصر الغذائية المتناولة ومراعاة زيادة التنوع في الغذاء الذي نتناوله يلعبان بالأحرى الدور الأهم في دعم وتقوية صحة الدم من خلال توفير العناصر الغذائية المختلفة، فالتنوع يعني تناول أنواع كثيرة من الأطعمة النباتية (كالعدس والفول) بالإضافة إلى بعض السمك واللحم والدجاج والبيض ومنتجات الألبان، ويقلل من إمكانية الإفتقار لأحد أنواع المغذيات الهامة.
تحياتى الكم جميعااا
شيرى